‎أهم ما تميز به «آفاق السينما العربية»: «المرأة» تعنى «الثورة»

 

‎خصوصية شديدة تميز مسابقة آفاق السينما العربية، المقامة على هامش مهرجان القاهرة السينمائى الدولى، التى تواصل فعالياتها للعام الثالث على التوالى، حيث تستقى موضوعاتها بخصوصية كبيرة نابعة من ثقافة كل مجتمع على حدة، بالرغم من القواسم المشـتركة التى تجمع المجتمع العربى، فهناك أعمال من ضمـن 8 أفلام مشاركة فى المسابقة عبرت عن قضاياهـا على لسان المرأة وسيطرة القضايا التى تعبر عن تأثير الأوضاع السياسية فى حياة الأفراد، وتضم لجنة تحكيم المسابقة كلاً من الفنانة إلهام شاهـين، الممثل اللبنانى جورج خباز، المخرج والكاتب أحمد بولان.

‎إلهام شاهين: لجنة التحكيم تبحث عن تكامل العمل الفنى.. و«الشناوى»: «لحظات انتحارية» و«حرائق» أفضل الأفلام 

‎من أهم الأفلام التى عبرت عن المرأة فى المسابقة، فيلم «بركة يقابل بركة» للمخرج محمود صباغ، حيث تناول حياة المرأة فى مجتمع مغلق مثل المملكة العربية السعودية والخطوط الحمراء التى تحيط بالسيدات، مما يجعل فكرة الدخول فى علاقة عاطفية شيئاً شبه مستحيل، وجاء ذلك على لسان «بركة» بطلة الفيلم التى تجد أن الإنترنت هو المتنفس الحر الوحيد لها فى الحياة، بينما قرر المخرج السورى محمد عبدالعزيز أن يتناول القضية السورية فى فيلمه «حرائق»، من خلال قصص أربع سيدات يكافحن للبقاء خلال الأزمة التى تمر بها البلاد، بالرغم من اختلاف قصصهن وآلامهن وأحلامهن يربط القدر الأربع معاً، ليربط المخرج السورى مصيرهن بمصير البلاد التى تعانى من ويلات الحرب.
‎اختارت المخرجة المصرية إيمان النجار أن تربط المرأة بالوطن فى أول أعمالها الروائية «لحظات انتحارية» من خلال شخصية مروة التى تسعى للهجرة ولكن وفاة والدتها تقلب الأمور رأساً على عقب، لتجد نفسها مع جسد والدتها على بعد أمتار من ميدان التحرير قبل اندلاع الثـورة، كخلفيـة للأحداث التى ترصد مجموعة من النساء ما بين الشقيقة التى تستجيب لصوت المظاهرات، والممرضة التى تعمل فى المستشفى الميدانى، تنمو جذور الوطن داخل «مروة بصورة أكبر»، وهو ما يقترب من المعالجة التى قدمها المخرج فريد بوغدير فى فيلم «زيزو» الذى تدور قصته عن شاب يحاول إنقاذ فتاة من قبضة جماعة إجرامية بعد أن يقع فى حبها، قبيل اندلاع الثورة التونسية.
‎على عكس الفيلم الجزائرى «الحزام» للمخرج حميد بن عمرة، الذى يتحدث عن الحزام باعتباره القاسم المشترك بين الرقص الشرقى ورياضة الكاراتيه، وبالرغم من أن الفيلم يتنقل بين العالمين عبر قصة آسية قمرة بطلة لعبة الكاراتيه التى تقرر الدخول إلى مجال الرقص الشرقى، إلا أنه يلقى الضوء على مجموعة كبيرة من النساء من ثقافات مختلفة، ويرى المخرج أن الفيلم يدور عن حب السيدات للحياة وعن بحثهن بحرية مطلقة عن أنوثتهن، بينما دخل المخرج المغربى محمد الشريف الطريبق إلى عمق قضايا حساسة فى المجتمع العربى فى فيلم «أفراح صغيرة»، وهى «المثلية الجنسية» بين النساء فى الخمسينات من القرن الماضى، فالقصة التى تدور حول «نفيسة» التى ترافق والدتها للإقامة عند إحدى سيدات المجتمع، تنشأ صداقة قوية بينها وبين «فطومة» حفيدة مالكة المنزل، ولكن تتوتر العلاقة عند قرب موعد زواجها، ليدخل المخرج بالكاميرا فى أعماق مجتمع نسائى محافظ ومغلق.
‎وقالت الفنانة إلهام شاهين، رئيس لجنـة تحكيـم المسابقة، إن هناك مجموعة من الأفلام المميزة الموجودة هذا العام، حيث كل دولة قررت أن توجد بأقوى إنتاج سينمائى لديها، متابعة: «الدول التى تمر بثـورة عبرت عن ذلك بشكل جيد سينمائياً، ولكن ليس فقط الثورة ولكن كل الدول قدمت موضوعات تعبر عن اختلافها الثقافى، لأن الإنتاج بدأ يأخـذ شكلاً أكثر تطوراً فى الوطن العربى، فكانت هناك من تجارب مبهرة وأخرى مفاجأة، مما يصعب علينا المهمة فى لجنة التحكيم». وأضافت إلهام لـ«الوطن»: «من المقرر أن نصل إلى النتائج النهائية اليوم، ليتم الإعلان عنها فى حفل ختام المهرجان، فنحن داخل اللجنة نحكم على العمل فى مجمله فليس لدينا جائزة لأفضل ممثل أو أفضل مخرج، وبالتالى يدفعنا ذلك للحكم على إجمالى قيمة العمل دون التركيز على كل التفاصيل على حدة، والتنوع الموجود داخل لجنة التحكيم ما بين الإخراج والتمثيل مع اختلاف الثقافات والخلفيات يؤهلنا لتقديم نتيجة نهائية مكتملة الأركان».
‎ويرى الناقد طارق الشناوى أن ارتفاع مستوى الأفلام العربية المشاركة فى مسابقة آفاق يرجع إلى أن مجموعة من تلك الأعمال كانت مرشحة فى البداية للوجود فى المسابقة الدولية للمهرجان، ولكن بسبب شروط المسابقة التى تتطلب عدم عرض تلك الأفلام فى مسابقات ومهرجانات دولية تم عرضها ضمن «آفاق السينما العربية».
‎تابع الشناوى : «يعد الفيلـم المصـرى «لحظات انتحارية» للمخرجة إيمان النجار من أفضـل الأعمال المعروضة فى المسابقة وينبـئ بميلاد مخرجة جيدة تمتلك أدوات مميزة، إضافة إلى الفيلم السورى «حرائق» للمخرج محمد عبدالعزيز، بالرغم من أهمية الفيلم وتميزه فلم يستطع المخرج الحضور بسبب مجموعة من الاعتبارات الأمنية التى تتجاوز سلطة المهرجان ووزير الثقافة، ولم يستطع الناقد بشار إبراهيم الحضور أيضاً بسبب عدم صدور تصريحات أمنية لهما».
‎ومن جانبها قالت الناقدة نعمة الله حسين، إن المشاركة هذا العام متنوعة بصورة كبيرة ولكن تعد السعودية هى مفاجأة المهرجان بفيلم «بركة يقابل بركة» للمخرج محمود الصباغ، ولكنها لم تكن الوحيدة فقدمت مواطنته هيفـاء المنصور فيلم «وجدة» الذى حقق نجاحاً كبيراً، وبالـرغم من كونها تجارب فردية على استحياء إلا أنها تفتح الباب أمام مشاريع سينمائية أخرى أكثر تميزاً، وهو ما يظهر فى زيادة المشاركات الخليجية الموجودة عاماً تلو الآخر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *